قصّةُ نبيّ الله لوط
الحمدُ لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البَرِّ الرحيم والملائكة المقرَّبين على سيّدنا محمد أشرف المرسلين وحبيبِ رب العالمين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وءال كُل والصالحين وسلام الله عليهم أجمعين
يقولُ الله تبارك وتعالى: ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ {50} وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ {51} إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ {52} قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ {53} قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ {54} قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ {55} قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {56} قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ {57} قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ {58} إِلاَّ ءالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ {59} إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ {60} فَلَمَّا جَاء ءالَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ {60} قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {62} قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ {63} وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ {64} فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ {65} وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ {66} وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ {67} قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ {68} وَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ {69} قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ {70} قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ {71} لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ {72} فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ {73} فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ {74} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ {75} وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ {76} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ {77}﴾ سورة الحِجر ٤٩ إلى ٧٧.
أخبرَ اللهُ نبيَّهُ محمّدًا صلى الله عليه وسلم أن يُخبِرَ أمَّتَهُ بأنه يغفِرُ لِمَن شَاءَ مِنْ عِبادِهِ ويَرحَمُ مَنْ شاءَ منهم وأنَّ عذابَهُ هو العذابُ الأليم، يقولُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: ((لو يعلمُ العبدُ قدرَ عفوِ اللهِ لما تورَّعَ عن حرام، ولو يعلمُ قدرَ عذابِهِ لبَخَعَ نفسَهُ (أي أجهدَها) في العبادة ولما أقدَمَ على ذنبٍ)) رواهُ الطبريُّ عَن قَتادَةَ بلاغًا.
وأخبرَهُم عن ضَيفِ إبراهيمَ أي أضيافَهُ وهو جبريلُ عليهِ السَّلام مع أحدَ عشرَ مَلَكًا ﴿إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا﴾ أي فسُلِّمَ عليكَ سلامًا، ﴿قَالَ﴾ أي إبراهيمُ ﴿إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ﴾ أي خائفونَ لامتناعِهِم مِنَ الأكلِ أو لِدخُولِهم بغيرِ إذنٍ وبغيرِ وقتٍ، ﴿قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ﴾ أي لا تَخَف ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ وهو إسحاقُ عليه السَّلام لقولِهِ في سورةِ هود: ﴿فبشَّرْناها بإسْحـٰق﴾، ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾ أي مع مَسِّ الكِبَرِ بأن يولَدَ لي، أي أنَّ الوِلادَةَ أمرٌ مُستَنكرٌ عادَةً مع الكِبَرِ ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ كأنه يقول فبأيِّ أعجوبَةٍ تُبشِّرون؟ ﴿قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ أي باليقينِ الذي لا لُبْسَ فيه ﴿فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ﴾ أي الآيسينَ مِنْ ذلك، قال إبراهيم: ﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ﴾ أي إلا المخطئونَ طريقَ الصَّواب أو إلا الكافرونَ كقولِهِ: ﴿إنه لا ييئسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إلا القومُ الكافرون﴾، أي لَم أستَنكر ذلك قُنُوطًا مِنْ رحمَةِ الله ولكن استبعادًا له فِي العادَةِ التي أجراها.